RSS

Tuesday, September 22, 2009

المجنون

قد يحدث أحياناً أن انطباعات دفنت داخلك خلال وقت ما تظهر بسبب تقشير في الحائط أو رائحة أو نظرة أو أغنية. حينئذ وحسب تميمتك فإنك تستدعي حادثة هامة في ماضيك مدفونة تحت جبال الأحداث التالية لها. ومن الثابت أن جزءً كبيراً من تلك الذكريات يذهب معنا إلى القبر لأنه افتقد في حياتنا تلك الأغنية او تلك النظرة أو تلك الكلمة أو الرائحة التي تحفزها وتوقظها، تفتقر إلى الشيء الذي يعيدها إلى الحياة في اللحظة مناسبة. إنها ذكريات أبت أن تكون ذكريات، لكن بفضل باعث خفي يمكنها في لحظة أن تصبح ذكرى.ا


لا أعرف إن كنت سأوفق في إطلاعك على حالتي النفسية أم لا في تلك الأيام. افترض أنك وجدت نفسك أمام لعبة كلمات متقاطعة، وصلت إلى كل كلماتها ماعدا كلمة واحدة. وتعرف من هذه الكلمة بعض حروف، كما أنها تبدو مألوفة لك، شيء يبدو لك عادياً وأنك بدون الذهاب بعيداً تستخدمه عدة مرات كل يوم. وتتعذب وتقوم بألف محاولة لوضع حروف عديدة في الخانات الفارغة، وتنطقها بصوت عال لأن الصوت قد يقودك إلى المعنى السليم، لكن كل شيء هباء. الكلمة تستعصى عليك ويبدو أنها تتحداك أو تسخر منك. أحياناً تتصور أنك قريب منها، أو أنها تبتعد، كأن شخصاً يهمس في أذنها: "سخن، سخن" أو "بارد، بارد". على أي حال فأنت تتألم لقربها وبعدها لأنك لاتستطيع في أي منهما أن تصل لها.ا



اا


من رواية المجنون-لميجيل ديليبس