ا
هل سيبعث الله من عنده ثعابين وحشية تخرج على من أكوام التبن القديم فى ظلمتى هذه التى لا أرى فيها كفى ؟ وأنا لولا الاحساس بأنفاسى المترددة لقلت أنه الموت، والنهاية ، ولكنى أرفع راحتى الى فمى وأنفى وأشعر بسخونة النفس الخارج من جوفى...وأنا هناك فى حبسى مكدود الجسم، متيقظ العقل ، لا أدرى هل هذه نهايتى أم حبس الى حين ينظرون فى أمرى؟.. قد يصلون الى أن يأتى العجوز بحبل سميك، يلفه حول رقبتى ويظل يضغط، ويضغط ، بكل الغل المكبوت بصدره، حتى يعصر العنق تماماً ، ويميل علىّ صدرى ميلته الأخيرة، وتظل العينان الجاحظتان بفعل الخنق بارزتين خارج المحجرين ولا تريان شيئاً البتة ، فتتكدس فيهما ظلمة أخرى كثيفة، لا يكون فيها نفس ، ولا حركة ولا ألم، ربما يكتفى بأن يرسل أحد الأخوين، فيجرجر عريى المفضوح الى البحر البعيد فيربط حول العنق الحجر الثقيل ، ثم يسقطنى فى الماء الغويط ، تحت دوامة الجسر الهادرة ، ويتركنى أبقبق وحدى تحت ماء مستنفذ الهواء ، وأسقط ، أسقط حتى طين القاع ، وأغوص مرة أخرى فى ظلمة جديدة غير مألوفة ، محاطة بماء لا نفاذ منه، ويكون العجوز هناك أعلى الجسر يرقبنى ، ويفرك يده تشفياً ، ويشير اليه من بعيد ، ليعود إلى الدار بدونى ، وباحساس الراحة بعد الخلاص من عار ينكس الوجوه ، ويكسر العيون المعتادة على الكبرياء. ا
من السقوط على الأرض
من مجموعة قصصية بعنوان عكس الريح- يوسف أبورية